تتسم العاصمة النمساوية فيينا كمقصد سياحي من الطراز الأول، بالجو المفعم بعبق التاريخ الأوروبي القديم الذي يضفي على المدينة سحراً خيالياً، حيث يطالع الزائرون قلعة هوفبورغ، مقر حكام فيينا ابان فترة حكم الامبراطورية الرومانية المقدسة (962 - 1806)، التي بسطت نفوذها على منطقة وسط أوروبا بأكملها.
ويتمثل أهم الكنوز الباقية من هذه الحقبة التاريخية المهمة في تاريخ أوروبا، في التاج الامبراطوري الثمين المصنوع من الذهب الخالص والمرصع بنحو 144 حجراً كريماً اضافة الى العديد من اللآلئ، وكان أوتو الأول، أول قيصر ألماني، قد وضع هذا التاج على رأسه قبل أكثر من 1000 عام، ويأسر التاج الألباب، وقد وضع داخل صندوق زجاجي مضاد للرصاص في احدى قاعات جناح الكنوز بمتحف قلعة هوفبورغ.
وتقول أنيا بريفه، من قسم التسويق بالمتحف، ان «عدد الزوار يقدر بنحو 280 ألف شخص سنوياً.وتشير الى ان عدداً كبيراً من السائحين يتدافعون لمطالعة الأشياء الثمينة التي يعج بها المتحف، فيما يظل عدد قليل من السائحين واقفين مشدوهين أمام قطعة بعينها.
شارات الامبراطورية الرومانية
ويُعد المؤرخ الفرنسي هنري جيلارد، واحداً من الذين درسوا بعناية شارات هذه الامبراطورية، وتجد لديه الكثير من القصص حول هذه الحقبة، ويقول جيلارد ان قوات نامليار القادمة من مدينتي آخن ونورنبرغ الألمانيتين استطاعت تأمين هذه الكنوز من الضياع مطلع القرن التاسع عشر.
ولا تقتصر الشارات الامبراطورية الثمينة التي يضمها متحف هوفبورغ بين جنباته على التاج الامبراطوري وحسب، بل يستطيع الزائرون ان يشاهدوا كذلك التفاحة الملكية، وهي عبارة عن كرة ذهبية ترمز للكرة الأرضية عليها صليب، وكذلك الصولجان والسيف، اضافة الى الحربة المقدسة.
وأوضح جيلارد ان هذه المجموعة تستمد تفردها من أنها المجموعة الوحيدة التي تحوي هذا الكم من الكنوز الملكية التي تعود الى العصر الوسيط، كما يضم المتحف مزيداً من الكنوز الثقافية الرائعة، مثل وسام الصوف الذهبي، الذي تأسس في عام، 1430 وهو صوف خيالي لكبش طائر غير حقيقي تناقلته الأساطير اليونانية، بعباءته التي يصل طولها الى أكثر من ثلاثة أمتار، اضافة الى تاج القيصر النمساوي، الذي يعود الى عام، 1602 والذي يُعد أبرز أعمال فن الزخرفة الذهبية الأوروبي.
ويضم جناح الكنوز بالمتحف والموزع على 20 قاعة، قسماً دينياً وآخر يحوي مقتنيات الحياة العادية، ويبلغ عدد القطع الأثرية به أكثر من 500 قطعة، ويعد التاج الامبراطوري أكثرها اثارة لاعجاب الزائرين، الذين تتعالى همهمات الاعجاب من حناجرهم صائحة «رائع..يا له من جميل»، كما يضم المتحف بين جنباته حجراً أرجوانياً، يعرف باسم أكوامارين، ويبلغ وزنه 492 قيراطاً وهو القطعة الفنية التي تأخذ بألباب من يراه لاسيما من النساء.
التحف النفيسة
كما يطالع الزائرون العديد من التحف النفيسة المطعمة بالحلي، مثل صليب أنجو الذي كان يُعد رمزاً لأمراء مدينة أنجو الفرنسية في القرن الرابع عشر الميلادي، وكذلك ملابس القداس المزركشة وأوعية القربان المقدس، التي تُعد كلها دليلاً على تغلغل الصبغة الدينية في كل مناحي الحياة في القرون الماضية داخل المناطق الكاثوليكية من الامبراطورية الرومانية.
وهذه التحف موضوعة داخل صناديق عرض مصنوعة من خشب البلوط الداكن، التي صنعت بأمر من الامبراطور شارل السادس في النصف الأول من القرن الثامن عشر.
ومع حلول ذروة الموسم السياحي، يتدفق السائحون الى فيينا ويقفون في صفوف طويلة انتظاراً لدخول جناح الكنوز في المتحف، الذي يستغرق مطالعة التحف الفنية به ما يقرب من ساعة ونصف الساعة، غير ان الأجواء تكون أكثر هدوءاً في غير موسم الذروة.
ولفهم الجوانب التاريخية المتعلقة بالكنوز المعروضة ينصح الزائرون باستخدام مرشد صوتي، كما يمكن لأصحاب الاهتمامات الخاصة بالآثار التاريخية حجز خدمة ارشاد خاصة، شرط ان يكون الحجز قبلها بأسبوع حيث يمكنهم الغوص بعمق في تاريخ أوروبا من خلال مكونات المعرض الفريدة من نوعها.
وأشارت بريفه الى ان شهر نوفمبر والفترة بين يناير حتى مارس، تعد من أكثر الأوقات مناسبة لزيارة المتحف، غير ان المتحف يغلق أبوابه في الفترة بين 13 حتى 24 فبراير، وفيما عدا هذه الفترة فان أبواب المتحف مفتوحة لاستقبال الزوار يومياً من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الخامسة عدا يوم الثلاثاء، ويبلغ سعر تذكرة الدخول 12 يورو.