رحلت ايامي دون أن تقول لي وداعاً ..

منذ خُلقت على هذه الدنيا إلى عمر السادسة لا أذكر من سنواتي هذه شيء سوى أنني كنت أسكن في (الخالدية)
تلك الحارة التي لم نجني من خلفها سوى الهم والنكد، والمشاكل التي لا تنتهي..

بعد ذلك بعدة أشهر انتقلنا إلى بيتنا الجديد, الذي يقرب من جدتي(والدة أمي) بمسافة عشر دقائق مشيً على الأقدام،
وكان بجانبها خالي المتزوج بإثنتين وكل منهما تسكن في بيت منفصل عن الأخرى..

وكانت غرفتي جميلة جداً كجمال كل شيء في هذه الدنيا, رائعة بروعة المكان و بروعة
أصحابها وذكرياتها، عندما أكون بداخلها أحس بأنني مستقلة بجسمي وتفكيري وذاتي وكل شيء، حقاً اشتقت إليها جداً..

في هذا البيت بدأت فصول حكايتي..

مرت أيامي في ذلك المكان الذي يقطن فيه منزلنا بسرعة جداً كسرعة البرق، قضينا فيها
أجمل اللحظات و تبادلنا فيها كل مشاعر الود والحب والألفة، اشتقت لمثل هذه المشاعر،
فقد ماتت مشاعرُنا مع الأيام..

** أيامٌ مضت كلمح البصر،، باتت صفحه من صفحات الماضي، ورغم ذلك تركت أثراً
في قلوبنا وعقولنا،، جعلت منا أُناس يُقدرون الماضي والحاضر والمستقبل، يحسبون
لكل ثانية ألف حساب، عاشرنا في أيامنا تلك أُناس لهم بصمة في حياتنا، أفرحونا بوجودهم
بنصائحهم، بطيبة قلوبهم**

في أيامي تلك مررتُ بأول موقف هُزئت فيه بسبب ما قمت به من براءة الأطفال للمساعدة حيث أنه أثر في نفسي حد الذهول والدهشة،
وبعد ذلك جربتُ كرهـ إنسانة من أعماق أعماق قلبي،
ربما لأنني لا أعرف هذه الإنسانة سبب لي إضطراب في المشاعر، طبعاً هذه الإنسانة
، قدمت مبرراتها لكنها لم تكن مقنعه بالنسبة لي، قامت بالاعتذار كثيراً
وكتابة رسائل تطلب مسامحتي لها، لكنني كُنتُ عنيدهـ، ثم أصبحت من أعز الناس لي،،
ثم ما لبثت أن تزوجت وبتُ لا أسمعُ عنها شيء..

**تعلمتُ من هذا أن التسامح قرارٌ حكيم وليس دليلٌ على الضعف والغباء**

في أيامي التي ولت كنتُ دائماً ما أُُضرب بسبب عنادي وعدم جلبي للماء لأخي الأكبر
فقد كان لا يُرسل سواي من أجل نرفزتي، ثم أخذت كتاب المطالعة وكتبت في نهايته أنني
لن أذهب إلى زواج أخي وأنني أكرههـ جداً ، ثم ذهبت إلى الزواج ولم أُلقي بالاً لما فعل لي،
ونسيت ما كتبت - مجرد عناد أطفال لا أكثر-..
لو أن لدي مثل قوة سوبر مان لانتقمت منه شر إنتقام..

تعلمتُ من هذا أن العناد ليس حلاً للهروب من خدمة غيري،
وأن المرونة والسلاسة سبب لحب الناس لي**

في سنواتي تلك كُنتُ كثيييراً ما أحكي وأُثرثر، وكانت ثرثرتي سبب في ذهابي للمدرسة
من دون جزمتي، وانهمار دموعي بغزارة حتى ظننتُ أن دموعي انتهت..

لعل أموراً عدة حدثت في أيامي، ومازالت تحدث، وسوف تستمر إلى حين موتي..
والأجمل من كل ما حدث أننا كنا نستيقظ صباحاً على صوت والدي، ونشرب الحليب
ويوصلنا أبي إلى مدارسنا، وكان متأثر جداً بتخصصه حتى أننا نذهبُ صباحاً على إعراب
جملةٍ ما، ونعود ظهراً على تصحيح جملً ما لُغوياً..

** جميلٌ أن نتذكر ماضينا بأشياء جميلة، ممتعه ورائعة..

كُتبت وحُررت قبل سنةٍ من الآن..

خربشه من خربشات الماضي..